مدارس ريف البوكمال.. من تصدير المفخخات إلى صناعة الأجيال

[ad_1]

ريف البوكمال يستعد ليوم سيكون حافلاً وغريباً، الأول من سبتمبر المقبل، حيث تقرع الأجراس في المدارس إيذاناً بعودة الحياة إليها بعد توقف دام قرابة التسع سنوات، وتتهيأ المدارس للعودة إلى طبيعتها وتستقبل الأطفال كما في كل مكان في العالم، بعد أن تخلصت من إرهاب داعش الذي حولها لثكنات عسكرية تفرخ الإرهابيين.

شغف الأهالي بعودة المدارس دفعتهم إلى تنظيم جماعات أهلية تزور البيوت من أجل تذكيرهم باقتراب موعد المدارس، وفي مبادرة أهلية حاول البعض جمع الكتب المدرسية القديمة وإعادتها إلى المدارس، فيما وجهوا نداءات إلى كل من هو قادر على التعليم أن يتوجه إلى المدرسة من أجل البدء بالعملية التعليمية، نظراً لندرة المعلمين بعد كل هذه السنوات من التهجير، خصوصاً وأن تنظيم داعش الإرهابي نفى كل الكوادر التعليمية السابقة خارج المدينة، فيما لاذ الكثير منهم بالفرار.

إعادة تأهيل

أهالي ريف البوكمال في شرق الفرات تحركوا من أجل إعادة الحياة إلى المدارس، وبدأت الورشات الأهلية تعمل على إعادة تأهيل المدارس لتكون ملاذ أبنائهم المحرومين من التعليم طول السنوات التسع الماضية، ليخلعوا الغطاء الأسود الذي فرضه تنظيم داعش على الجميع وتزول حقبة مرة في تاريخ شرق وغرب الفرات على حد سواء.

وبدأت المعدات بتنظيف المدارس والعناية بالأشجار، وتأهيل المقاعد والبدء بإصلاح كل ما هو موجود في المدارس، متحدين ألغام داعش التي زرعها في المدارس مستهدفاً الأطفال والكادر التعليمي. خلال فترة حكم التنظيم لريف البوكمال، كانت المدارس مركزاً لتجنيد الأطفال لزجهم في معارك القتال، وكانت تستقبل ما يسمى أشبال الخلافة الذين يتلقون تدريبات قتالية قاسية، فيما يتم انتقاء الانتحاريين من هذه المدارس. حوّل التنظيم هذه المدارس إلى وكر لتفريغ الإرهاب وتصدير العنف إلى المجتمعات، رافق ذلك غياب المدارس التي منعها التنظيم في كل القرى معتبراً أنها مدارس إلحادية ليس لها أهمية، فيما تعرف هذه المدارس في الأرياف أنها خرجت الآلاف من المهندسين والأطباء والمتعلمين طول العقود الماضية. «البيان» استطلعت آراء الأهالي في قرى البوكمال حول العام الجديد، وتحدثت إلى العديد من الأهالي والكوادر التعليمية.

تدمير جيل

يقول مشعان الصالح من أهالي قرية السوسة، اختفت المدرسة من حياتنا طوال السنوات الماضية، لدي ابنتي الآن تبلغ 12 عاماً وهي لا تعرف الكتابة أو القراءة، حتى إنها لا تعرف قراءة القرآن لأن التنظيم أغلق كل المدارس بعد أن سيطر على المنطقة في صيف 2014. ويضيف الصالح أنه مستعد أن يقدم كل شيء لابنته وبقية أطفاله من أجل أن يتعلموا القراءة والكتابة، فهناك أيضاً ابنه عمر أيضاً الذي أصبح شاباً ولا يعرف الحروف الأبجدية.

أسود العلي من الطاقم التدريسي في قرية الباغوز، يقول إن جيلاً كاملاً تم تدميره بشكل ممنهج في ريف البوكمال بسبب سطوة التنظيم الإرهابي على مدار خمس سنوات، ومن قبلها سنوات النصرة والفصائل التي استهدفت المدارس في بداية الأمر باعتبارها مقار حكومية.

تفخيخ الأطفال

بدوره يقول سالم العزيز من أهالي قرية المراشدة، كنا نسمع أصوات الأطفال وهم يتلقون التدريبات العسكرية على يد تنظيم داعش وهم يرددون شعارات الموت والقتال، فقد كانت هذه المدارس مكاناً لتصدير الأطفال المفخخين، ونتمنى الآن أن تصد الأجيال الصاعدة التي لا تؤمن بالعنف. لقد عانت المنطقة الشرقية من التعليم على مدار السنوات الماضية، وهي تخوض معركة التحدي في ظل حالات التسرب المدرسي للآلاف من الأطفال السوريين على مدار السنوات الماضية. وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة في سوريا العام 2017، فإن ما يقارب 1.8 مليون طفل سوري لا يذهبون إلى المدارس، أما الآن فالرقم مرجح أن يكون أكثر من ذلك.


الصفحة الرئيسية