الجامعات مطالبة بمواكبة الثورة الصناعية الرابعة

[ad_1]

رغم أن جرس الثورة الصناعية الرابعة قد قرع، معلناً دخولها إلى مختلف مناحي حياتنا، إلا أن الخبراء والمتخصصين يشيرون إلى أمور لم تكن في الحسبان، أو أنها متغيرات علينا مواكبتها خصوصاً في التعليم قبل أن يفوتنا قطار هذه الثورة ونصبح متخلفين عنها، بكل ما تحمله من ذكاء اصطناعي وخدمات ذكية وتقنيات بلوك تشين وغيرها من أمور قد تُُكتشف لاحقاً وخدمات جليلة للإنسانية.

وقد أكد مديرو جامعات وأكاديميون ضرورة أن تواكب الجامعات الثورة الصناعية الرابعة وما يتصل بها من تطبيقات من خلال تأهيل مبرمجين ومحللين للنظم وقواعد البيانات للتحليل واستنتاج المعلومات، لأن من يمتلك المعلومات يصبح القائد، وفقاً لوصفهم.

وبينوا أن تكافؤ التخصصات الجامعية مع وظائف المستقبل يتطلب بحثه من منطلقين، أولهما مدى إمكانية تكييف التخصصات الجامعية الحالية لتلبي وظائف المستقبل؛ وثانيها استحداث تخصصات جديدة تلبي سوق العمل المستقبلي، كما أنه لا يمكن الاستغناء عن كثير من التخصصات الجامعية الحالية.

لكن الأمر يستدعي إعادة النظر في محتوى مفردات مساقاتها وعملية تدريسها واختيار مراجعها وتوفير المتطلبات المادية من مختبرات ومعامل وتجهيزات وقدرات بشرية بما يواكب سمة عصرنا الراهن، كما أنه يجب استحداث تخصصات جديدة يقتضي وجودها وفقاً للتطور الجاري في مختلف مناحي الحياة، كما أن التطور المتسارع يولد الحاجة ليس فقط إلى قدراتٍ وكفاءات جديدة تعمل في مستويات مختلفة، بل وإلى تطوير القدرات والمهارات الحالية.

استشراف المستقبل

وقالوا: إن هناك بعضاً من الجامعات ما زالت متأخرة عن اللحاق بما يمكن تسميته باستشراف المستقبل وآفاقه، كما أن وظائف المستقبل تحتاج إلى خريجين ذوي قدرات عالية، لافتين إلى أن تهيئة الطلبة لوظائف المستقبل لا تنحصر فقط في مؤسسات التعليم العالي فحسب.

فالأمر يستدعي استهداف العملية التعليمية برمتها من رياض الأطفال حتى أعلى مرحلة تعليمية، فمدخلات الجامعات هي مخرجات الثانوية العامة، وهو الأمر الذي نراه جلياً في خطط وسياسات الوزارة والجهات المختصة.

كما أن من سيبدأون أولى مراحلهم الدراسية في سبتمبر المقبل هم المرشحون المحتملون لدخول سوق العمل عام 2033، لذلك لا بد من أن نكتشف وظائف وسوق العمل المستقبلي، من خلال خطط استراتيجية قابلة للتحقيق.

وظائف قيد الانقراض

ويقول الدكتور حسام حمدي مدير جامعة الخليج الطبية: إنه أصبح من الصعب التكهن بماهية وظائف المستقبل، لكن من الواضح أن الوظائف التي سوف تختفي تدريجياً هي تلك التي يمكن للآلة أو الذكاء الاصطناعي أن يقوم بها بكفاءة وتكلفة اقل، وأبرزها التعاملات المالية وتلك التي يمكن التعرف على بياناتها والخدمات التي يقوم بها موظفون يمكن أن يقوم بها العميل عبر (الأون لاين).

إضافة إلى مهنة الطيران فإنها ممكن أن تختفي في مقبل الأيام، أما بالنسبة للعمليات الجراحية، فلا يمكن للآلة أن تقوم بها دون الطبيب، فالتكنولوجيا الحديثة سوف تعاون الطبيب في دقة التشخيص وسرعة اتخاذ القرار، ولكن المريض يريد أن يسمع من الطبيب ما علته، لأن الظروف الاجتماعية للمريض لا يمكن أن يتعرف عليها الذكاء الاصطناعي.

نوعية الخريجين

وأوضح أن وظائف المستقبل تحتاج إلى نوعية من خريجي الجامعات اكتسبوا قدرات للتكيف مع المتغيرات ومدى قدرتهم على التفكير التنفيذي والتحليل الاتصالي الجيد والقدرة على التفاوض من خلال استخدام التكنولوجيا ومواكبتها، مبيناً أنه على الجامعات أن تغير من البرامج التقليدية حتى تواكب المستجدات.

كما أنها في حاجة إلى نظرة تجديدية تحديثية لنظم ولوائح وقوانين تتماهى مع التطور التكنولوجي، وألا تعتمد على معايير وقياسات يكون فيها عدد الساعات محوراً للعملية التعليمية والتدريس، لأن التدريس والتعلم أصبح إلكترونياً وأن التبادل بين الجامعات العالمية أصبح متاحاً، كما أن الطالب أصبح يتعلم داخل أسوار الفصول الدراسية وخارجها لأن اقتناء المعلومة أصبح متوافراً وسلساً.

كما أن الجامعات لم تعد مراكز لتلقين المعلومات، بل مراكز لتطوير البشر، مبيناً أن جامعة الخليج الطبية تعتمد في برامجها على غرس المتعلم في بيئة العمل منذ السنة الدراسية الأولى بما يمكنه من أن يكون مطلعاً في ما يحدث بمجال تخصصه.

من جهته أكد الدكتور جلال حاتم رئيس الكلية الإماراتية الكندية الجامعية في أم القيوين أن تكافؤ التخصصات الجامعية مع وظائف المستقبل يتطلب بحثه من منطلقين؛ أولهما مدى إمكانية تكييف التخصصات الجامعية الحالية أو ما تسمى بالتخصصات التقليدية أو النمطية لتلبي وظائف المستقبل؛ وثانيها استحداث تخصصات جديدة تلبي سوق العمل المستقبلي.

كما أنه لا يمكن الاستغناء عن كثير من التخصصات الجامعية الحالية، لكن الأمر يستدعي إعادة النظر في محتوى مفردات مساقاتها وعملية تدريسها واختيار مراجعها وتوفير المتطلبات المادية من مختبرات ومعامل وتجهيزات وقدرات بشرية بما يواكب سمة عصرنا الراهن، إلى جانب ذلك يصير لزاماً علينا أن نستحدث تخصصات جديدة يقتضي وجودها التطور الجاري في مختلف مناحي الحياة، مبيناً أن التطور المتسارع يولد الحاجة ليس فقط إلى قدرات وكفاءات جديدة تعمل في مستويات مختلفة، بل وإلى تطوير القدرات والمهارات الحالية.

تطوير التخصصات

وأضاف حاتم أن الكلية الإماراتية الكندية الجامعية تعمل بخطى حثيثة مدروسة على تطوير التخصصات الحالية، والمضي قدماً في استحداث تخصصات جديدة ضمن البرامج الحالية كإضافة تخصص الموارد البشرية ضمن برنامج البكالوريوس في إدارة الأعمال على سبيل المثال لا الحصر، أو إضافة برامج بكالوريوس كتقنية المعلومات أو أمن المعلومات أو التوسع الرأسي على صعيد الماجستير.

لافتاً إلى أن الكلية حصلت على الاعتماد الأكاديمي النهائي في برنامج القانون وبرنامج الاتصال الجماهيري، كما حصلت على الموافقة الإدارية من قبل وزارة التربية والتعليم للتحوّل إلى (جامعة أم القيوين)، كما أن الجامعة بصدد استكمال المرحلة النهائية لاستيفاء المتطلبات المؤسسية والأكاديمية الضرورية لهذا التحول، كما تم الانتهاء من المرحلة الأولى من بناء الحرم الجامعي الجديد.

ومن المقرر أن يشهد أغسطس 2020 إنجاز المرحلة الثانية والأخيرة، كما أنه في سياق مواكبة المستقبل فإن فلسفة الجامعة تتلخص في تنمية مهارات التعلّم والابتكار القائم على التفكير النقدي وحلّ المشكلات، فقد اتضح أن استخدام المعرفة خلال تعلمها يرفع مستوى التحفيز ويؤدي بالضرورة إلى نتائج نوعية إيجابية، بعيداً عن النمطية الممجوجة المتمثلة بالتلقين والحفظ.

وأوضح حاتم: «إننا إذا رجعنا قليلاً إلى الوراء، لرأينا أن الناس كانوا يحددون طريقاً معيناً للوظائف التي اختاروها ويبقون عليها؛ أما اليوم فالأمر صار مختلفاً تماماً، حيث صارت الوظيفة تأخذ طابعاً مركباً وتحتاج إلى مهارات تخصصية في أكثر من حقل أو ميدان، كما بدأنا نسمع عن وظائف لم نسمع عنها من قبل بل ولم تخطر على بال أحد، وفي ذلك يقول توماس فري أن 60% من وظائف المستقبل لم يتم اختراعها بعد.

وفي ظل التكنولوجيا الحديثة والذكاء الصناعي في العديد من المجالات واعتماد الروبوتات فإن سوق العمل سيشهد- إن لم يكن قد شهد فعلاً- مجموعة من الوظائف التي سوف تكون لافتة في المستقبل القريب، مبيناً أن أبرز تلك الوظائف مسؤول أمن المعلومات ومحلل البيانات ومنتج الطاقة البديلة المؤتمتة والقانون الفضائي والمخطط المالي، والأمين الرقمي الشخصي Personal Digital Curator.

تهيئة الطلبة

ولفت حاتم إلى أن هناك بعض الجامعات ما زالت متأخرة عن اللحاق بما يمكن تسميته باستشراف المستقبل وآفاقه، لكن على مستوى وزارة التربية والتعليم، فلا شك في أنها تولي اهتماماً بالغاً بتلك التخصصات، ويتجسد ذلك في ورشة العمل التي نظمتها مؤخراً مفوضية الاعتمادي الأكاديمي بوزارة التربية والتعليم والتي خصصت لمناقشة المعايير الجديدة للاعتماد (معايير 2019) بدلاً عن معايير 2011.

وهذا يدل دلالة واضحة على تنامي اهتمام الجهات المسؤولة ويعكس حرصها على أن تكون مؤسسات التعليم العالي قادرة على تحقيق مخرجات علمية تواكب المستقبل، مبيناً أن تهيئة الطلبة لوظائف المستقبل لا تنحصر فقط في مؤسسات التعليم العالي فحسب، فالأمر يستدعي استهداف العملية التعليمية برمتها من رياض الأطفال حتى أعلى مرحلة تعليمية.

فمدخلات الجامعات هي مخرجات الثانوية العامة، وهو الأمر الذي نراه جلياً في خطط وسياسات وزارة التربية والتعليم والجهات المختصة، كما أن من سيبدأون أولى مراحلهم الدراسية في سبتمبر المقبل هم المرشحون المحتملون لدخول سوق العمل عام 2033، لذلك لا بد من أن نكتشف وظائف وسوق العمل المستقبلي من خلال خطط استراتيجية قابلة للتحقيق.

روبوتات ووظائف

من جهته أكد الدكتور محمد عميرة نائب رئيس كلية المدينة الجامعية في عجمان أن أبرز وظائف المستقبل تتمثل في قطاع التكنولوجيا والابتكار والروبوتات وسلسلة الكتل والحوسبة السحابية والتجارة الإلكترونية والعلوم العامة والعلوم الصحية.

كما أن الكلية حالياً تعمل على اختيار البرامج التي ستكون مرتبطة مع سوق العمل من خلال تحديد القطاعات المذكورة أعلاه لتسهم في ازدهار الدولة التي تعمل قيادتها جاهدة من أجل تحويلها إلى مركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار.

لذلك تعمل الكلية على توظيف التكنولوجيا الذكية مع البرامج الأكاديمية في هذه المجالات كي تكون برامجها الأكاديمية متوائمة مع سوق العمل، مبيناً أن هناك برامج في طور الإعداد للاعتماد والتي ستخدم المهن المستقبلية، منها العلوم الصحية- الصيدلة وطب الأسنان.

وأضاف عميرة: إن وزارة التربية والتعليم- شؤون التعليم العالي، لجنة الاعتماد الأكاديمي تخدم المسؤولية المزدوجة لرفع جودة التعليم مع تنمية قطاع التعليم العالي بشكل جيد للغاية، إضافة إلى دعم البرامج الأكاديمية في مجالات العلوم، الهندسة، التكنولوجيا والعلوم الصحية لتواكب البرامج الأكاديمية مع احتياجات سوق العمل والتوجه الاستراتيجي لدولة الإمارات.

مواكبة التطورات

من جهته أكد الدكتور خالد الصالح نائب مدير جامعة عجمان للشؤون الأكاديمية أن الجامعة في جانبها الأكاديمي دائمة الاطلاع على التطورات التي تحدث في التخصصات المختلفة ومواكبتها مع خطط الدولة تلك قصيرة وبعيدة المدى من خلال تحديث التخصصات المتوافرة وإضافة أخرى جديدة مواكبة.

لأن التخصصات الموجودة بحاجة إلى مراجعة دورية بهدف تحديث المساقات المختلفة من أجل المواكبة وسد حاجة الخطط التي تعلنها الإمارات، مبيناً أن الثورة الصناعية الرابعة وما يتصل بها من تطبيقات بحاجة إلى تخصصات تواكب تلك الثورة وتتمكن من تحليل البيانات الكبيرة والصغيرة عبر الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال تأهيل مبرمجين ومحللين للنظم وقواعد البيانات للتحليل واستنتاج المعلومات، لأن من يمتلك المعلومات يصبح القائد.

اعتماد الأتمتة

وأضاف أن هناك وظائف تقليدية عديدة سوف تختفي ويحل محلها «الماكنة» والأتمتة في ظل وجود الإنسان الذي يطورها ويحللها، لافتاً إلى أن جامعة عجمان في طور اعتماد برنامجين، منها برنامج الماجستير في الذكاء الاصطناعي، وهو في مراحله الأخيرة للاعتماد من قبل هيئة الاعتماد الأكاديمي وبانتظار الاعتماد النهائي، كما أنه خلال الأيام المقبلة سوف يتم طرح البرنامج حال اعتماده في سبتمبر المقبل، أما البرنامج الثاني فهو بكالوريوس في تحليل البيانات ويصب في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو في طور التقييم للاعتماد.

ترجمة رؤية 2021 و2071 تعتمد على تضافر الجهود

أكد مديرو جامعات وأكاديميون أنه لا بد من تضافر الجهود بين وزارة التربية والتعليم والجامعات الحكومية والخاصة، لرسم سياسة وظائف المستقبل وترجمة رؤية الدولة 2021 و2071 على أكمل وجه، فوزارة التربية والتعليم عليها التركيز على جودة التعليم وتطوير برامج التعلم والتدريب، التي ستؤهل أبناءنا لاقتصاد ما بعد النفط والاستمرار في تنظيم برامج الإرشاد الأكاديمي والمهني لطلبة التعليم الثانوي لتشجيعهم وتوجيههم في اختيار مساراتهم وتخصصاتهم، التي تناسب ميولهم العلمية وتطلعات الدولة المستقبلية ومتطلبات سوق العمل المحلية والعالمية.

كما يجب على الجامعات الحكومية والخاصة إعادة النظر في التخصصات المطروحة حالياً، خصوصاً التي لا تتناسب مع متطلبات سوق العمل الحالية والمستقبلية، بهدف مواءمة مخرجات التعليم العالي مع متطلبات سوق العمل، كذلك لأولياء الأمور دور كبير في تشجيع أبنائهم على اختيار التخصصات، التي تناسب قدراتهم ورغباتهم وطموحاتهم المستقبلية، لا التي تناسب رغبات أولياء أمورهم، وذلك من أجل بناء مستقبل واعد لأجيال المستقبل.


الصفحة الرئيسية