[ad_1]
أسماء الحسيني (القاهرة- الخرطوم)
تنفس السودانيون الصعداء، أمس، بعد إعلان رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبدالله حمدوك تشكيل وزارته. ورحبت الأحزاب والكيانات السودانية والشارع السوداني بالتشكيل الوزاري الجديد الذي ضم أربع نساء من بين 20 وزيراً، فيما لم تتم تسمية اثنين منهما بعد هما وزيرا الثروة الحيوانية والبنى التحتية.
ورأى غالبية السودانيين أن التشكيل الوزاري الجديد مناسب لمواجهة تحديات ومصاعب المرحلة الراهنة العديدة، كما رحبوا بتصريحات حمدوك، التي أورد فيها أولوياته وخططه للفترة الانتقالية، وتأكيده أن عملية الإصلاح الاقتصادي ومعاش الناس وتوفير الضروريات قضية أساسية، وضرورة بناء اقتصاد وطني يقوم على الإنتاج، والتزامه الصارم بالعدالة الانتقالية وتحقيق السلام، والعمل على وضع سياسة خارجية تأخذ مصلحة السودان في المقام الأول، ومد أيادي السودان لكل دول الإقليم والمجتمع الدولي لحفظ السلم والأمن الدوليين.
وأعلن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ترحيبه بحكومة الفترة الانتقالية وهنأ الشعب السوداني ببزوغ شمس الدولة المدنية بعد ثلاثة عقود من الحكم الأحادي المتعسف. وشدد الحزب على ضرورة إيلاء قضايا الحرية والسلام والعدالة والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي الدرجة القصوى من الاهتمام وتمهيد الطريق للقوى الوطنية للمشاركة الفاعلة في البناء الوطني دون إقصاء أو تعسف أو تشفي.
وهنأ فاروق أبو عيسى، رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني السوداني، حمدوك بنجاحه في تشكيل الحكومة الانتقالية، على الرغم من الصعوبات التي خلقتها تعقيدات الموقف، وقال: «إننا على ثقة من أن لديك الكثير مما تعطيه لشعبنا العظيم لتخطي جميع المصاعب، وتحقيق أهداف الثورة والتحول الديمقراطي وسيادة حكم القانون والقضاء المستقل واحترام حقوق الإنسان».
وقال صلاح جلال، القيادي في حزب الأمة القومي، لـ«الاتحاد» إن هذه الوزارة بداية صحيحة ومعقولة في طريق العبور التاريخي للسودان. وأضاف أن الحكومة ستجد من حزبه كامل الدعم، وأنه لم يعد هناك غير العمل بجد من أجل تحقيق آمال وتطلعات الشعب السوداني وطموحاته.
ومن جانبه، أعرب محمد حسن عربي، أمين الإعلام بحزب المؤتمر السوداني، عن ترحيبه بالحكومة الجديدة، وأكد أن حزبه ملتزم بالدعم الكامل للحكومة، ونثق في قدرتها على الوفاء بمهام الفترة الانتقالية.
من جانبه أكد ياسر عرمان، نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان والقيادي في الجبهة الثورية، في تصريحات لـ«الاتحاد» جاهزية الجبهة للانخراط في العملية التفاوضية من أجل السلام في السودان.
وقال عرمان إن السلام سيسهم في إنهاء الدولة العميقة، مؤكداً أنه إذا لم تحل الحكومة قضية الحرب ستكون حكومة هشة. وأضاف أن اقتصاد الحرب لن يوفر الطعام لشعبنا، والحرب ستخرب العلاقات الخارجية والنسيج الوطني.
وقال أسامة سعيد المتحدث باسم الجبهة الثورية إن تشكيل الحكومة خطوة إلى الأمام، وأن خطاب حمدوك عشية الإعلان عن التشكيل الوزاري إيجابي.
ومن جانبها، رحبت هيئة محامي دارفور بإعلان حكومة حمدوك، واعتبرتها خطوة أولية لتصحيح المسار ومراجعة الأخطاء الجوهرية الجسيمة في الوثيقة الدستورية وممارسة المحاصصة الخاطئة في ترشيحات قوى الحرية والتغيير، وقالت الهيئة إنها ستمارس دورها الرقابي لضمان إجراءات التأسيس الدستوري السليم، وضمان مشاركة كافة الحركات المسلحة والقوى السياسية وتنظيمات المجتمع المدني.
أما حركة العدل والمساواة فقالت إنها وحتى الوصول إلى حل للأزمة الوطنية فستتعامل مع الحكومة الراهنة على أنها حكومة أمر واقع، وطالبت رئيس الوزراء أن يكون رئيساً لكل السودانيين، وألا يرهن مصيره للنخب الحزبية والشلليات اللاهثة لوراثة السلطة. وأكدت الحركة أنها ورفاقها من الحركات المسلحة على أهبة الاستعداد لبدء التفاوض مع الحكومة. وقال الحقوقي السوداني عثمان عبدالله إن مهمة حمدوك وحكومته ليست سهلة ولكنها ليست مستحيلة، وأكد ضرورة محافظته على علاقته مع قوى الحرية والتغيير حيث ستبقى الرابط الذي يربطه بالجماهير.
وقال المفكر السوداني الواثق كمير لـ«الاتحاد» إن نجاح حمدوك في العبور بالسودان إلى بر الأمان يتوقف على قدرته على خلق أكبر قدر من التوافق.
وأضاف أن هذا التوافق هو الطريق الوحيد لضمان وحدة وتماسك القوات المسلحة السودانية لتتفرغ للقيام بدورها الدستوري في حماية تراب الوطن والنظام الديمقراطي في البلد. وأضاف كمير أن على حمدوك أن يوفر قيادة حقيقية لعملية الانتقال السلمي للسلطة، تتضمن خريطة طريق واضحة، وابتداع آلية تضمن التفاف غالبية القوى السياسية والمجتمعية حول برنامج حكومته، ومن المهم أن تجد القوى السياسية والاجتماعية التي تشعر بالإقصاء عن المشهد السياسي نفسها في إدارة الانتقال، حتى لو لم تشارك في السلطة، لأن عزل هذه القوى سيدفعها إلى اللجوء للمعارضة، مما يضع العصي في دواليب الحكومة ويعرقل عملية الانتقال السلمي.
وقال الإعلامي السوداني طاهر محمد علي لـ«الاتحاد» إن حمدوك نجح في الامتحان الأول رغم تأخير التشكيل الوزاري الذي أوضح أنه تدريب للديمقراطية، واستحق إجراء مشاورات واسعة وعميقة لاستصحاب كل المعايير المتفق عليها. وأبدى طاهر إعجابه بانحياز حمدوك للمرأة السودانية التي شاركت في التغيير ورسمت نجاح الثورة، فكان لزاماً أن ينعكس ذلك في التشكيل الوزاري، حتى يرى كل السودانيين أنفسهم في هذا التشكيل الذي يحمل كل ألوان الطيف شباباً وشيباً وخبرات وكفاءات في اختيارات موفقة ستعمل بلا شك في قضايا مفصلية ومهمة تمس تنمية السودان ورفاه أهله.
وقال الناشط السوداني جمال رحمة الله إن يوم إعلان حكومة حمدوك يوم من أيام السودان الخالدة، شهد ولادة أول حكومة مدنية بعد الثورة، عقب ثلاثين عاماً عجافاً اختطف فيها الوطن. وأضاف أن التحديات أمام الحكومة الجديدة كالجبال، والصعاب متراكمة، لكن كلنا ثقة أن السودان سيخرج من عنق الزجاجة إلى رحابة الدولة محروساً بإرادة الجماهير التي دفعت في سبيل ذلك الغالي والنفيس.
ووجد وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح شبه إجماع في الشارع السوداني، وأشاد الجميع بمواقفه ومهنيته.
وقال القانوني عبد الإله زمراوي لـ«الاتحاد» إن «صالح يتمتع بالنزاهة والاستقامة التي يشهد له الجميع بها، وأتمنى أن يعمل بجد كبير في تطهير أجهزة الإعلام السودانية التي لم تواكب ثورة الشعب السوداني العظيمة، وخاصة التلفزيون القومي ووكالة الأنباء الرسمية».
اهتمام بالوزراء الجدد
اهتم النشطاء والإعلاميون في السودان بنشر السير الذاتية للوزراء والوزيرات الجدد ولاقت ترحيباً كبيراً، ومن بينهم وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي انتصار صغيرون التي شغلت منصب عميد كلية الآداب بجامعة الخرطوم وتشغل حالياً عميدة البحث العلمي بالجامعة نفسها، ولها العديد من الأبحاث العلمية المنشورة.
كما كان هناك اهتمام كبير بالدكتور أكرم علي التوم وزير الصحة الذي يعتبر من الكفاءات الطبية المهمة في السودان، وهو خريج طب جامعة الخرطوم، ونال الماجستير من جامعة جونز هوبكنز وحصل على جائزة منظمة الصحة العالمية كأفضل مدير في الإقليم الأفريقي، وزميل بالكلية الملكية للأطباء الباطنيين في المملكة المتحدة، ومن أهم منجزاته صياغة استراتيجية الصحة للقارة الأفريقية.
أما لينا الشيخ وزيرة التنمية الاجتماعية فقد تخرجت من جامعة الأحفاد في السودان، وحصلت على الماجستير من جامعة مانشستر البريطانية، وعملت كمحاضرة في جامعة الأحفاد.
أفريقيا ترفع تعليق عضوية السودان
قرر الاتحاد الأفريقي، أمس، رفع تعليق عضوية السودان بالاتحاد، وذلك عقب التطورات التي تشهدها البلاد، وتشكيل الحكومة المدنية الجديدة
جاء ذلك في جلسة طارئة عقدها مجلس السلم والأمن الأفريقي، أمس، بحث خلالها التطورات في السودان، لرفع تعليق عضويته وعودته إلى البيت الأفريقي.
مبادرات السودانيين
في أول تصريح له، أشاد الدكتور إبراهيم البدوي وزير المالية والاقتصاد السوداني بمبادرات السودانيين في المهجر وداخل السودان لمساعدة الاقتصاد السوداني، مشيراً إلى العديد من الإجراءات المرتقبة لإعادة هيكلة الاقتصاد السوداني وتخفيف الأعباء عن المواطنين، وخلق وظائف للشباب وتقوية مؤسسات الدولة الاقتصادية، وإطلاق مشاريع لإضافة قيمة للصادرات السودانية، وتصنيع المنتجات في السودان.
وأضاف البدوي أن الحكومة تستهدف بناء خطاب اقتصادي وطني يتم حوار مجتمعي حوله، وستخاطب الأصدقاء والشركاء في الإقليم والعالم بشأنه. وأكد أن ذلك يستدعي رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو ما يتم العمل من أجله حالياً، وتوقع دعماً من أصدقاء وأشقاء السودان.