[ad_1]
في سابقة لافتة، ناقشت لجنة الأمم المتحدة لمكافحة العنصرية تقريراً عن محتويات مناهج التعليم الفلسطينية؛ يطالب الفلسطينيين بإزالة ما يزعم أنه تحريض على العنف في كتبهم المدرسية.
فالفلسطينيون «يتعلمون في مادة الرياضيات كيف يحصون أعداد شهداء انتفاضاتهم، ويتعلمون في دروس الفيزياء كيف تقاوم حجارة المقاليع الملقاة على الجنود الإسرائيليين قانون الجاذبية؛ ومن مساق التربية الإسلامية يعرفون أن حائط البراق جزء من المسجد الأقصى؛ وهو مقدس لدى المسلمين فقط».
على هامش هذا التقرير، عرض الإسرائيليون أمام دبلوماسي الأمم المتحدة نماذج من مقررات مدارس السلطة الفلسطينية والأونروا التي «تنطوي على مفاهيم العداء للسامية وكراهية الإسرائيليين واليهود، وتحث على التضحية وتنفيذ الهجمات المسلحة ضد الإسرائيليين بصفتهم محتلين. وتمنع بالتالي الوصول للتعايش بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي».
مثل هذه المداخلات تؤكد مجدداً أنه لا حدود لتبجح الإسرائيليين وتواقحهم. أولئك الذين يصطنعون القشة في عيون الفلسطينيين ويستعمون بغباء عن الخشبة في عيونهم.
وإذا كان هذا العوار القانوني والأخلاقي صفة خلقية وأمراً معلوماً ومفهوماً بالنسبة للصهاينة والإسرائيليين، فكيف يمكن تفسير مواقف مندوبي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا في اللجنة الأممية؛ الذين عبروا جميعاً عن قلقهم من المناهج التعليمية الفلسطينية؟
بصيغة أخرى، تسمح لنا التجارب بتفهم سلوك الإسرائيليين؛ الذين يسقطون ما لديهم من رذائل وعيوب على ضحاياهم، لكن مجاراة هذا السلوك والنسج على منواله، من قبل عواصم تدعي أنها أمهات الديمقراطية وحقوق الإنسان في هذا العالم، هو مؤشر ينذر بالسوء وبالمزيد من إشاعة الفاحشة الإسرائيلية في الديار الفلسطينية المحتلة.
ترى، أي عيب يراه هؤلاء في المناهج والكتب الفلسطينية المدرسية وغير المدرسية، إن هي وصفت الإسرائيليين بالمحتلين؟!؛ أو ليس هذا هو توصيف القانون والتنظيم الدوليين، لما يدور في فلسطين؟ وأين الخطأ في هذه المناهج والكتب إن هي استحثت الطلاب على مقاومة هذا الاحتلال، واستنهضت لديهم روح الفداء في هذا المضمار، تطبيقاً للمواثيق والقرارات الدولية الرامية إلى التحرر والاستقلال والانعتاق من زمن الاستعمار بشتى أشكاله؟!
ما وجه التعجب من، أو الاحتجاج على، تعليم الطلاب بأن «حائط البراق جزء من المسجد الأقصى»؟!؛ ألم تقر بصحة هذه الحقيقة التاريخية القانونية لجنتان للتحقيق الدولي، إحداهما تحت رعاية عصبة الأمم عام 1930، والأخرى سهرت عليها منظمة اليونسكو عام 2016؟! وأي تعايش هذا الذي بوسعه أن يكون مع استعمار استيطاني يقضم الحقوق التاريخية؛ وهوايته عصيان موازين العدالة بكل معانيها التاريخية والقانونية، وهو مصنف على رأس قائمة أخطر الكيانات الدولية على السلم والأمن الدوليين؟!
علاوة على ذلك، ما رأي اللجنة الحقوقية وأصحاب تقريرها ومناصريه في ما تبثه برامج التعليم الحكومي ودوائر صناعه الرأي العام، العلمانية منها والدينية، في أذهان الناشئة الإسرائيليين ووجداناتهم عن الفلسطينيين، سواء المواطنين منهم في أحشاء إسرائيل منذ 1948، أو الواقعين تحت احتلالها البغيض منذ 1967؟ يقول المحامي الإسرائيلي يائير نيهوراي «يتلقى الطلاب اليهود محاضرات محشوة بمفردات عنصرية وتمييزية ضد العرب وتحط من قدرهم».
الحاخام اليعيزر كشتيئيل، مثلاً، يردد عبارات من قبيل «نحن عنصريين لأن هناك أعراقاً كالعرب بها خلل جيني، ندعوهم ليكونوا عبيداً لدينا وهم يحبون الاسترقاق والحياة تحت الاحتلال. ولو أعطيتهم إدارة الدولة للحظة، فإن كل شيء سوف يتفكك لأنهم لا يعرفون».
ومن وجهة نظر الباحثة الأكاديمية الإسرائيلية نوريت بيلد في كتابها «فلسطين في الكتب المدرسية في إسرائيل»، إن الخطاب المتعلق بالفلسطينيين يتجاوب مع جميع معايير التمييز العنصري والنظرة الاستعلائية، وذلك بوصفه إياهم بالبدائيين أو الخانعين أو المنحرفين الأشرار. كما يتم تصويرهم بالمتطفلين واللصوص الجديرين بالازدراء.
وتخلص الكاتبة إلى أن «الكتب المدرسية المتداولة في إسرائيل توظف لأجل غرس إيديولوجيا سياسية تمييزية في أذهان الطلاب اليهود، وهي تشرعن في مضمونها قتل الفلسطينيين باعتباره أداة تكفل الحفاظ على أمن الدولة اليهودية».
المفاجأة أن هذا التقييم العلمي يخص الفلسطينيين من حملة المواطنة الإسرائيلية. بمعنى أن التمييز العنصري قائم عمداً ومع سبق الإصرار على أرضية عرقية، من يهود الدولة ضد فلسطينييها. فكيف الحال بما تحشوه الكتب المدرسية الإسرائيلية في عقول الطلاب اليهود، بحق صورة الفلسطينيين تحت الاحتلال منذ 1967؟!