[ad_1]
يتفق العلماء في أنه ليس هناك دماغان متطابقان، أو حتى طفلان يولدان في أي عائلة لديهما الدماغ نفسه. وهنا أود أن أسأل: إذا كانت هذه هي الحال، فلماذا يقدّم نظامنا التعليمي النوع نفسه من التعليم لأنواع مختلفة من العقول، في حين أن الأطباء يعطون لكل مريض العلاج المناسب لخصائص جسده؟
تبعاً لذلك، نحتاج إلى تغيير الثقافة العائلية، التي تركز على توجيه الأبناء نحو الوظائف التي تحقق عائدات مالية ثابتة سعياً إلى الاستقرار، أو تلك التي توفر مكانة مهنية أو اجتماعية تتحقق معها الوجاهة الاجتماعية، بصرف النظر عما هو التوظيف الأمثل للقدرات العلمية للأبناء.
وفي عصر المعرفة، كما أشرت في كتابي الحديث «العالم المعرفي المتوقّد»، نحن بحاجة إلى تعليم مبني على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لهذا نحن بحاجة إلى مدارس المعرفة وجامعات المعرفة، ونحتاج إلى الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي في التعليم. نحن بحاجة إلى حاضنات للابتكار، وليس إلى ساحات لعب وحرم جامعي. نحن بحاجة إلى التعلّم عن طريق الذكاء الاصطناعي، وإلى تعزيز ثقافة رأس المال المعرفي، وإلى برامج لتحويل الاختراعات إلى منتجات تجارية. ينبغي استثمار موارد البحث والتطوير لدينا في المخترعين الصغار، ويجب توجيههم نحو الابتكار. في «كلية طلال أبوغزالة الجامعية للابتكار»، الطالب لا يتخرج بامتحان بل اختراع.
يجب أن يتحول المعلمون إلى مستشارين تقنيين لأطفالنا وليس إلى ملقنين ومحاضرين. ذلك لأنه ليس لدى المعلم أي معلومة جديدة غير موجودة على الإنترنت، ليحاضر عنها الطلاب (كما قلت في كلمتي بجامعة هارفرد، والعديد من الجامعات دولياً وإقليمياً).
وأستطيع أن أجزم بأنه في المستقبل المنظور لن يكون هناك حرم جامعي أو ساحات ملاعب مدرسية، ولن تكون هناك وزارات تعليم ولا مؤسسات تعليم حكومية، ولن تكون هناك كتب مطبوعة ولا امتحانات للحصول على شهادات، ولن تكون هناك ألواح سوداء أو بيضاء أو طباشير! إن ثورة المعرفة ستؤدي إلى انهيار نظام التعليم الحالي، و«تسونامي» الثورة الرقمية المتوقد سيقضي على التعليم التقليدي وسيعلّم الطلبة بعضهم بعضاً بدلاً من الأساتذة.
وسيحل التعلّم بدلاً من التعليم، وسيتم التعلًم بمدارس الإنترنت المجانية المتاحة كونياً للجميع، وسينتهي الغش في الامتحانات، لأن التركيز سيكون على التعلّم سعياً وراء الابتكار، لا وراء الدرجات العلمية.
أما البرامج الدراسية، فستجعل المؤهلات المهنية إجبارية ضمن برامج التعلّم، وسيكون المطلوب أن يتخرج الطالب بشهادة أكاديمية وشهادات مهنية. وسيكون التركيز على العلوم التقنية والرياضيات والهندسة منذ مراحل التعليم الأولى.
وسيكون تعلّم البرمجة والحلول الإلكترونية متطلباً أساسياً في أولى مراحل الدراسة، وسيتمحور التعلّم حول الأبحاث والتحاليل والاستنتاج بدل التلقين. والموجّه التقني سيحل محل الأستاذ الملقن، والإنسان الرقمي المبتكر بدلاً من الإنسان المتعلم. وستكون جميع المعارف البشرية متاحة للجميع رقمياً ومجانيّاً.
الذكاء الاصطناعي سيدخل المعرفة إلى العقل دون الحاجة إلى حفظها (مشروع غوغل لعقل متعلم ندخله على عقلنا). وستصبح الإنترنت في حياتنا كالجهاز العصبي في جسم الإنسان.. ستفوق قدرة عقولنا قدرة الكمبيوتر. سنعيش مع الأشياء ونعمل معها، لنصبح نحن وهي مجتمعاً واحداً.
في عام 1988، تصور كاتب الخيال العلمي إسحق أزيموف أنه إذا كان كل شخص يمتلك جهازاً متصلاً بشبكة، فإننا جميعاً سنتعلم من مكتبة افتراضية واسعة ولن تكون هناك حاجة للمدارس. المدارس ستصبح حضانات لرعاية الأطفال!
ليس العلم بحد ذاته حفظ المعلومات فحسب، بل تدريب العقل على التفكير. يقول رئيس شركة «تيسلا»، ألون مسك: «لا تخلطوا بين المدرسة والتعليم، أنا لم أدرس في هارفرد ولكن من يعمل تحت إدارتي تخرج فيها». ويقول مارك تويني: «لا تسمحوا للمدارس بأن تعيق تعلمكم». وأخيراً يقول مايكل فارادي: «المحاضرات التي تعلّم غير محببة، في حين أن المحاضرات المحببة لا تعلم».
التعلم ليس بضاعة، والطلبة ليسوا زبائن، والأساتذة ليسوا أدوات، والجامعة ليست مصنعاً. الطلبة يغشون في الامتحانات لأن نظامنا التعليمي يركّز على علامات النجاح أكثر مما يركّز على التعلّم. شكسبير نفسه لم ينجح في ماجستير اللغة الإنجليزية، إلا أنه لا يمكن لأحد أن ينجح في ماجستير اللغة الإنجليزية دون دراسة شكسبير.
نريد تخريج مخترعين يطلقون مشروعات لتوظيف غيرهم لديهم، بدلاً من تخريج (عاطلين) باحثين عن عمل لدى غيرهم.