5 عقول غيّرت وجه العالم! – الاتحاد

[ad_1]

إميل أمين

شهدت الإنسانية عبر التاريخ العديد من الأسماء اللامعة التي استطاعت تغيير وجه الحياة على الكرة الأرضية من خلال المعرفة والاختراعات، من بينها أسماء تعود إلى آلاف السنين، ومنها ما هي قريبة عرفها العالم في العقود الثلاثة المنصرمة، لكنها استطاعت أن تغير وتجدد وجه الأرض، عبر آفاق معرفية عزفت على تنويعات تكنولوجية، أضافت إلى البشرية في أقل من ثلاثة عقود، ما هو أكثر مما صنعته الاختراعات الإنسانية طوال عدة آلاف سابقة كذلك. يحتاج الحديث المستفيض عن بعض هؤلاء إلى كتب ومؤلفات قائمة بذاتها، غير أننا اخترنا خمسة من الأسماء التي أثرت مجتمعنا المعاصر بمكتشفاتها، سواء اتفقنا أو افترقنا حول أهمية منتجهم وارتداداته الإيجابية والسلبية على البشرية، إذ يبقى لهم في كل الأحوال سبق الريادة والتفكير في بحور المعرفة.

(1) تيم بيرنز لي… هل خدم «الإنترنت» البشرية أم خذلها؟
في خطابه الذي ألقاه نهار الثلاثاء الثاني عشر من مارس الماضي، وفى ذكرى مرور ثلاثين عاماً على اختراعه شبكة الإنترنت، قال السير البريطاني، تيم بيرنز لي «إن الإنترنت خلق فرصاً للمنفعة العامة، لكنه صار أيضاً مجالاً يستخدمه المحتالون، ومنح صوتاً لهؤلاء الأشخاص الذين ينشرون الكراهية، وسهل ارتكاب جميع أنواع الجرائم».
هل يعني ذلك أن الشبكة أصبحت مجالاً سيئاً وضاراً بالمطلق بالنسبة للبشرية، وأنه قد حان أوان إغلاقها والخلاص من تبعاتها السيئة؟ في خطابه يرى تيم «أنه سيكون من الانهزام وضيق الأفق، افتراض أن الشبكة لا يمكن تغييرها إلى الأفضل، في ظل ما وصلت إليه في أعوامها الثلاثين الأولى، لكنه نصح الحكومات والمنظمات والجمهور بالعمل معاً لتطوير النظام الحالي، وجعله متاحاً للجميع وعنده أيضاً أنه: «إذا تخلينا عن فكرة إنشاء شبكة أفضل الآن، فلن تكون الشبكة هي التي خذلتنا، بل سنكون نحن من خذل الشبكة.. أين هي مصادر الخلل الوظيفي التي تحتاج شبكة الإنترنت إلى معالجتها.. هذا هو السؤال الحيوي الذي يطرحه العالم برمته على المؤسس فتراه كيف يجيب؟
هناك ثلاثة مصادر لهذا الخلل وهي:
أولاً: النوايا الخبيثة المتعمدة التي على شاكلة الهجمات والاختراقات التي ترعاها الدول، والسلوك الإجرامي، والمضايقات عبر الإنترنت.
ثانياً: يأتي تصميم النظام الذي خلق حوافز فاسدة يجري التضحية فيها بقيمة المستخدم في دائرة العمل، مثل نماذج الإيرادات المعتمدة على الإعلانات التي تعتمد أعمالها على الروابط المضللة لزيادة عدد النقرات.
ثالثاً: الانتشار الكبير للمعلومات المضللة
لكن يبقى السؤال ماذا يتوجب فعله إزاء ما يسميه «تيم» الآثار السلبية غير المقصودة للشبكة، تلك التي أدت إلى «نبرة غاضبة مستقطبة» و«خطاب نوعي كاره على الشبكة عينها»؟
في خطابه في مارس الماضي يرى تيم أنه بينما من المستحيل اقتلاع جذور الفئة الأولى تماماً، فإنه يمكننا وضع قانون ونظام لتقليل هذا السلوك، مثلما كنا نفعل دائماً قبل الاتصال بالشبكة.
أما بالنسبة للفئة الثانية التي تطلب إعادة تصميم الأنظمة بطريقة تغيير الحوافز، فإن هذا الأمر يستدعي «إجراء بحوث لاستيعاب الأنظمة القائمة وصياغة الأنظمة الجديدة المحتملة، أو تطويع هذه الأنظمة التي لدينا».
هل لهذا يتهيأ الرجل الذي أسبغت عليه ملكة بريطانيا لقب «سير» لجهوده في عالم التكنولوجيا، لتنفيذ مشروع جديد يستعيد به قوة الإنترنت، مشروع شبكي جديد يدعى «سوليد» يستنقذ به الإنترنت من قبضة الشركات التقنية الكبرى، وليضع مثل ذلك الاختراع الجديد في يد الأفراد العاديين؟
يبدو أن ذلك كذلك، فقد وصف «بيرنزلي» خلال جلسة «إعادة اختراع الإنترنت» «سوليد» في أكتوبر 2018، بأنها حركة ستجمع خلالها -كما فعلت الإنترنت – مجتمعا من المطورين والمشتركين من جميع أنحاء العالم. في عالم «سوليد»، سيتمكن المستخدمون من صهر جميع بياناتهم المترامية في التطبيقات المختلفة، في مكان واحد، وتمنح الأفراد الحرية الكاملة في التحكم ببياناتهم بشكل كامل واختيار من يشاركهم بها.
هل العالم على موعد مع انفجار معلوماتي جديد مثير إلى أبعد حد ومد، ومن غير مقدرة ما على وقف هذا الصعود إلى الأعلى؟.. الجواب معلق برقبة المستقبل.

(2) بيل جيتس… الصعود إلى الشمس
ماذا يفعل البشر في مواجهة ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية إلى مستوى غير مسبوق، يهدد بذوبان جليد الأقطاب الشمالية والجنوبية، وارتفاع منسوب مياه في البحار والمحيطات، ما يعنى أن المياه سوف تطمر الكثير جداً من دول العالم، بريطانيا في مقدمتها، وكذا ولاية كاليفورنيا، عطفاً على عدد من كبريات المدن في منطقة البحر الأبيض المتوسط، مثل الإسكندرية في مصر. لا تتوقف أفكار أولئك الذين غيروا العالم عن الابتكار والتجديد، وهذا ما استقر عليه رجل مايكروسوفت الأشهر «بيل جيتس»، صاحب خطة حجب أشعة الشمس.
الشاهد أن المستحيل عند جيتس يصبح ممكناً، فهو من يقوم على تمويل مخطط يكاد يبدو في ظاهرة وكأنه خيال علمي، وذلك من خلال سيناريو فيه تنطلق نحو 800 مركبة ضخمة نحو الغلاف الخارجي للكرة الأرضية، تقوم بنقل ملايين الأطنان من غبار الطباشير إلى ارتفاع 19 كم فوق سطح الأرض، ثم رشها في أنحاء الستراتوسفير، أي على ارتفاع 50 كم فوق سطح البحر، هل يحل هذا الابتكار الإشكال؟
من الناحية النظرية فإن الغبار المنقول جواً سيخلق ظلاً شمسياً هائلاً، يعكس بعضاً من أشعة الشمس والحرارة باتجاه الفضاء، ما يمكن أن يحمي كوكبنا من ويلات تدهور أحوال المناخ.
ما الذي يستدعي بيل جيتس القيام بمثل هذا المشروع والذي حكماً سوف يكلفه مليارات الدولارات، يقوم بدفعها بشكل شخصي؟
يمكن باختصار غير مخل وصف بيل جيتس بأنه من الخيرين، فقد كانت ملياراته على الدوام تنفق في فعل الخير، ويعتبر من أكبر المتبرعين في التاريخ للجمعيات الأهلية، مع نظيره الأميركي «وارن بافيت».
يعلم الجميع أن جيتس يتوافر على ثروة تقدر بنحو مائة مليار دولار، غير أنه أكثر من مرة أعلن عن تبرعه بمعظمها للفقراء والمحتاجين، لكنه لا يقوم على فعل الإحسان، بل استخدام رؤوس الأموال الهائلة من أجل تغيير العالم، عبر القضاء على الأمراض الفتاكة، مثل ملايينه التي ينفقها على مكافحة مرض شلل الأطفال في أفريقيا، وغيرها التي يرهنها لتعليم أبناء القارة السمراء.
ظهرت على جيتس بوادر التميز والذكاء وهو في سن الثالثة عشرة، حيث كان مولعاً ببرامج الحاسوب، وبرمجة الكمبيوتر، وقد التحق بجامعة هافارد التي تعتبر من أعرق الجامعات في الولايات المتحدة عام 1973، ولكنه لم يكمل دراسته فيها، وهجرها خلال سنته الدراسية الثانية ليكرس طاقته لتطوير برامج الحاسوب والكمبيوتر.
خلال وجوده في هارفارد طور جيتس إصداره لغة البرمجة «بيسيك»، في الحاسبات الصغرى الأولى، وأنشأ شركة للبرامج. حين رجع «جيتس» إلى مسقط رأسه في «سياتل» ليلتقي برفيق طفولته «بول آلان»، كان يشق طريقه الطويل من أجل تأسيس واحدة من أهم شركات الكمبيوتر، بل أهمها على الإطلاق في التاريخ البشري المعاصر «مايكروسوفت»، والتي سيقدر لها من خلال برامجها تغيير وجه الحياة المعاصرة من خلال برامجها وإداراتها المتعددة.
ما قام به بيل جيتس في حياته وحتى الساعة يبين لنا أن منجزه الحقيقي، بل معجزته، ليست المائة مليار دولار، بل قدرته على مشاركة الأفكار والمهارات والموارد المتوافرة له وللأميركيين، من أجل تحسين العالم الذي نعيش فيه، تغييراً جذرياً، وأنه في كل الأحوال يبقى كل منا قادر على التأثير بصورة إيجابية في حياة الآخرين. هل سيقدر لجيتس أن ينقذ كذلك كوكب الأرض من مصيره المحتوم؟

(3) ستيف جوبز… فتى التفاحة الأسطوري
في يوم دافئ من يونيو 2005، ذهب ستيف جوبز إلى حفل تخرجه الأول متحدثاً، لم يكن الملياردير مؤسس شركة الكمبيوتر التي ستضحى حديث العالم لاحقاً رجل أعمال مغروراً. كان هذا الرجل، والذي لم يكمل دراسته الجامعية، نجماً من نجوم التكنولوجيا، وأسطورة حية في نظر الملايين حول العالم، رغم أنه كان لا يزال في الخمسين في عمره.
عرف جوبز في أوائل العشرينيات من عمره، وبمفرده تقريباً، العالم بأول كمبيوتر يمكن أن تضعه على طاولة ويستطيع تنفيذ الأوامر بنفسه، كما أحدث ثورة في الموسيقى، وآذان جيل بأكمله، بجهاز موسيقى صغير وأنيق يسمى «آيبود»، ومختارات واسعة من الأغاني في متجر «الآيتونز».
كما قام بتمويل ورعاية شركة تدعى «بكسار»، والتي أنتجت بعض أروع أفلام الرسوم المتحركة بالكمبيوتر، مثل فيلم «حكاية لعبة». و«سيارات»، و«البحث عن نيمو» كانت الأقدار تقدر لجوبز مساراً آخر، مسارا يخدم البشرية برمتها عبر اختراعاته القادمة، ففي العام 1975 التقى جوبز رفيق رحلة كفاحه ونجاحاته «ستيف وزنياك» وذلك عندما انضم إلى «هومبروكمبيوتر»، وهو ناد لمطوري أجهزة الكمبيوتر الشخصية، والذي كان من أعضائه «وزنياك»، الذي مثل وجوده شرارة البدء لثنائي إلكتروني سينطلق في عالم التكنولوجيا.
كان «وزنياك» قد اكتشف لعبة في معلبات طعام الأطفال «كاب آند كراش»، تنتج الرنات التي تستخدمها شركات الهواتف في الاتصالات بعيدة المدى، وبمساعدة جوبز تمكن وزنياك من صنع علبة صغيرة يتم استخدامها مع التليفون للاحتيال على الشركات وإجراء اتصالات بعيدة المدى، وعمل جوبز على الاستفادة من هذا الاختراع فقام ببيعه لعدد من طلاب المدارس.
انطلق «جوبز» و«وزنياك» في طريقهما لتطوير جهازهما الجديد، فبعد آبل سعيا من أجل إنتاج كمبيوتر آخر، أكثر تعقيداً ولكن أسهل في الاستخدام، وقد جذب نجاحهما أعين المستثمرين، ففي عام 1977، قرر الرئيس التنفيذي السابق لشركة «انتل مايك ماركولا»، الاستثمار في «آبل».
جاء «آبل»، بعد ذلك ليشهد انطلاقة قوية في مجال الكمبيوتر الشخصي، ويكتسح السوق الأميركي، بما يتضمنه من تكنولوجيات متقدمة وبرامج عالية الجودة، وقد تمكن جوبز بذكائه من تسويق منتجه الجديد فباع مئات الأجهزة. من خبرات جوبز التي ستنعكس على نجاحاته تاليا أنه كانت جامعة «ريد» في ذلك الوقت الأفضل في أميركا من حيث جودة دروس كتابة الخطوط الإنجليزية، ولهذا كان كل منشور وكل بطاقة في الجامعة مكتوبة بطريقة فنية جميلة ودقيقة.
يقول جوبز: ولأني اخترت الانسحاب من التعليم الجامعي الإلزامي، لذا أتيحت لي فرصة حضور دروس الخط، الأمر الذي ساعد على الكتابة بشكل جمالي باهر، يكمل «جوبز»: وقتها لم يكن لدراسة هذا الفن أي إمكانية للاستفادة منه في حياتي المقبلة، لكن بعد عشر سنوات، استفدت من الأمر حين كنا نصمم أول حاسوب ماكينتوش.
أفضل الدروس التي قدمها «جوبز» للأجيال القادمة هو درس «كيف تجعل من الليمون اللاذع مذاقاً، شراباً حلواً طيباً»؟، إذ يشير في سيرة حياته قائلاً: لو لم أتخذ قراري هذا، لما تمكنت من حضور دروس تعلم الخطوط، ولما كنت تعلمت هذا الفن الجميل، ولما كانت الحواسيب لتقدم نظام عرض الخطوط كما نعرفه اليوم.

(4) زوكربيرغ… ثورة الفيسبوك العولمية
ذات ليلة في غرفته بمدينته الجامعية بمدينة «كامبريدج» بولاية ماساتشوستس الأميركية، حيث مقر جامعة هارفارد العريقة، تساءل الفتى «مارك زوكربيرغ» عما إذا كان الناس يودون أن يذهبوا إلى الشبكة العنكبوتية ويتصفحوا حياة أصدقائهم أم لا؟
كان الجواب لديه نعم بالمطلق، ولاحقاً بدأ السعي في فكرة إنشاء موقع يكون بمثابة مجتمع إنترنت مكون من الأصدقاء، صور وبروفايلات وغيرها من الأفكار الأخرى، بحيث يمكن زيارتها وتصفحها، شبكة اجتماعية من نوع ما، لكن حصرية بحيث ينبغي لك أن تعرف الشخص على الموقع كي يمكنك تصفح صفحته، ومعلوماته كما هو الحال في الواقع إلى حد ما، دوائر اجتماعية حقيقية لكن «أون لاين»، للأشخاص الذين ينتمون إلى تلك الدوائر الاجتماعية أنفسهم.
لم يكن «زوكربيرغ» يحلم أو يتجرأ على الحلم بأن شبكته هذه سوف تنمو خلال عقد من الزمن، لتصبح عند البعض من أنصار اليمين الأميركي المحافظ «الوحش» الذي يتحدث عنه سفر الرؤياني الكتاب المقدس، ذاك الذي سيتحكم في مقدرات البشر في نهاية الزمن وقبل قيام الساعة، كما أنه لم يخطر على قلب الشاب الأميركي أنه حين بلغ الخامسة والثلاثين من عمره، سوف يضحي أخطر رجل على وجه الأرض من خلال قوة تواصل ونفوذ تفوق كل ما يمتلكه رئيس أكبر دولة في العالم.
في غرفته بجامعة هارفارد، وخلال لحظة ستغير مسار أهم وسيلة تواصل اجتماعي في العصر الحديث، ضغط «مارك» المزيد من الأزرار، فعرض الصفحة الرئيسة التي سوف تراها عندما تذهب إلى الفيس بوك.
لم يكن «مارك زوكربيرغ» يقدر أن اختراعه المتولد عن لحظة «إحباط عاطفي»، سيقود الأميركيين إلى اختيار الرئيس القادم لبلادهم من خلاله، وهذه هي القضية المحورية التي تشغل الأميركيين اليوم والسؤال كيف ولماذا؟
الشاهد أنه ضمن الخواص الفاعلة والنافذة في شاشة الفيس بوك، يتابع المرء خاصية «أكثر الموضوعات تفاعلاً»، في أقصى اليمين على الصفحة الرئيسة، وهنا فإن اختيار الموضوع قد لا يتمتع بمصداقية مطلقة، وربما يخضع لتلاعب بدرجة ما، ليوجه بذلك عقول الجماهير إيجاباً أو سلباً، تجاه شخص أو قضية بعينها.
عدة تجارب أجرتها شبكة الفيسبوك خلال العقد الماضي، أظهرت مقدرتها الهائلة على خلق تأثير جمعي عند نصف مستخدمي الفيسبوك. كانت إحدى تلك التجارب عام 2012، حين أجرت الشركة تجربة على عينة من المستخدمين عددها 700 ألف تحكمت خلالها في نوعية الأخبار التي تظهر لهم يومياً على صفحاتهم الشخصية، للتوصل إلى مدى تأثير ذلك على الأمزجة والعواطف الخاصة بهم، وخلصت التجربة إلى أن الفيسبوك قادر بالفعل على أن يدفعك للشعور الذي يريدك كمستخدم أن تشعر به.
كان حتماً ولابد لمجتمع الاستخبارات الأميركي أن يستشعر الخطر الفادح، والخطورة المستقبلية القائمة والقادمة من جراء قواعد البيانات التي يمتلكها «مارك زوكربيرغ».
في الأشهر القليلة الماضية، بدأ مجتمع الاستخبارات المركزية الأميركية يتساءل هل يمكن للفيس بوك التدخل للتأثير في خط سير الانتخابات الأميركية القادمة؟ وإن فعل ذلك فهل سيكون بالفعل قد تجاوز الهدف الذي خلق من أجله، أي كونه منصة لعرض الآراء الجماهيرية على العوام، ليضحي أداة لحجب آراء بعينها، والترويج لأخرى حسب الرغبات الموجهة التي تدار في أجواء من السرية، موصولة بأبعاد الدولة الأميركية العميقة؟
لم يعد حلم «زوكربيرغ» مجرد الفيسبوك، لكنه الآن يتكلم عن عالم جديد، يجمع الناس كافة في إطار واحد، ومهمة واحدة، كما يصفها بأنها «أكبر من أية مؤسسة أو شركة بمفردها».
حين يقترب عدد مستخدميه من ثلاثة مليارات نسمة حول العالم، فإن كل شيء يضحي متاحاً له، وإن كان ذلك يستتبع علامة استفهام مثيرة ومخيفة: هل هو مجتمع معولم فاضل، أم حكومة عالمية شريرة؟

(5) «إيلون ماسك».. الإنترنت المجاني والذكاء الاصطناعي
يمكن القطع بأن «إيلون ماسك» هو الرجل المنوط به تغيير وجه العالم في السنوات القليلة القادمة.
نحن أمام شاب عبقري يسعى لأن يجعل من الإنترنت أمراً مجانياً ومتاحاً للعالم برمته، ومن دون أن يدفع المرء تكلفة فاتورة عالية أو غالية، وأحلامه لا تتوقف عند حدود الاختراعات التكنولوجية، بل تصل إلى حد التحكم بالدماغ البشري عبر الكمبيوتر، ضمن رؤيته الواسعة لعالم الذكاء الاصطناعي، ذاك الذي يكاد يغزو العالم في حاضرات أيامنا.
من هذا «إيلون ماسك» القادم من بعيد، وما هي رؤاه لتغيير وجه العالم في العقود القادمة؟ في مدينة بريتوريا بجنوب أفريقيا عام 1971 ولد «إيلون ماسك»، وهناك تعلم برامج الكمبيوتر ذاتياً، وهو لا يزال في سن الثانية عشرة، انتقل إلى كندا في سن السابعة عشرة ليكمل تعليمه في جامعة كونيز، لكنه لم يستمر فيها سوى عامين، بعد ذلك التحق بجامعة بنسلفانيا، ليحصل على شهادة في علوم الاقتصاد من مدرسة وارتون، وشهادة الفيزياء من كلية الآداب والعلوم.
وفي عام 1995 بدأ ماسك رسالة الدكتوراه الخاصة به في الفيزياء التطبيقية وعلوم المواد في جامعة ستانفورد، لكنه لم يستمر بكتابة الرسالة لأنه تخلى عن الفكرة بعد يومين ليهتم بمجال ريادة الأعمال.
كان العام 2002 هو عام الانطلاقة الكبرى لـ «ماسك»، ففي مايو أسس شركته التي تكاد تنافس وكالة الفضاء الأميركية الأشهر «ناسا»، أنها شركة «سبيس إكس»، لتصنيع مركبات الفضاء وإطلاق البعثات الفضائية، والتي يشغل فيها منصب المدير التنفيذي والمصمم الرئيس، كما شارك في عام 2003 في تأسيس شركة «تسلا»، لصناعة المركبات الكهربائية، وصناعة الأنظمة الشمسية.
كيف استطاع «ماسك» وفي عمر الثلاثينيات أن يضحي «مليارديراً» شهيراً بثروة تصل إلى عشرين مليار دولار، ليمثل المركز الـ21 بين أثرى 400 شخصية بحسب مجلة «فوريس» العالمي؟
الشاهد أن اختراعاته تغير وجه العالم، وكان ماسك قد صرح ذات مرة بأن أهداف شركاته كشركة سولار سيتي، تيسلا موتورز، وسبيس إكس، تخدم رؤيته في تغيير العالم والبشرية. من بين تلك الأهداف تقليل الاحتباس الحراري، عن طريق إيجاد طرق جديدة ونظيفة وغير مكلفة لتوليد الطاقة ونقلها وتوزيعها مع المنازل والمحطات، حماية الإنسان من خطر الانقراض، وذلك عبر إنشاء مستعمرات بشرية على سطح المريخ.
في شهر مايو أيار من العام الماضي، أعلن ماسك أنه سوف يطلق 60 قمراً اصطناعياً، وهي أو مجموعة من آلاف الأقمار الاصطناعية، التي تأمر «سبيس إكس»، بنشرها في السنوات المقبلة، لتوفير تغطية عالمية للإنترنت من الفضاء بشكل مجاني. والشاهد أنه إذا كانت طموحات ماسك في الفضاء غير محدودة، فإن توجهات الرجل على الأرض أيضاً مثيرة جداً، وقد كان آخرها ما طرحه على العالم في شهر يوليو تموز الماضي، حين تقدمت شركته Neuralink إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية، بطلب يسمح بتجربة توصيل العقل البشري بالكمبيوتر، وقد ذهب إلى أن التجارب نجحت على القرود، وكان الكمبيوتر قادراً على التحكم بعقلها.
ما هو هدف ماسك من ذلك الحلم الكبير والخطير، وهل يقترب من منطقة محظورة يتم فيها التلاعب بمقدرات الجنس البشري، منطقة يمكن أن تخلق وحوشاً آدمية جديدة، مثل وحش الدكتور فرانكشتاين الشهير؟
بحسب البيان الصادر عن شركة «ماسك»، فإنه يريد التركيز على المرضى الذين يعانون حالات عصبية حادة، وإن كان يميل إلى تطوير المشروع لاحقاً من أجل منح الإنسان ذكاءً خارقاً.


الصفحة الرئيسية